( مضاد حيوي)

( مضاد حيوي)

 امتلات الغرفة البيضاء بالهدوء ..ساد صمت جنائزي في حضور الطبيب الذي حمل بيده كومة اوراقه مرتديا ابتسامةً زائفة تخبر بالنتيجة دون الحاجة لقولها 

_ مريم عبد الهادي .كيف حالك اليوم ؟

_ انها بخير يا حضرة الطبيب .

كانت تلك الجملة اكثر زيفا من ابتسامة الطبيب ولكن والدتي تشبثت بافعوانية امل منذ سنوات وحملتني معها .

لحظة صمت ساد بعدها احساس كثيف بالتوتر كان بالامكان قطعه..بدأ بعدها الطبيب بسكب الموضوع في قالب الكلمات 

_لقد ظهرت نتيجة تحاليل مريم ولا يمكنني سوى ان اكون صريحا معكم ويملؤني الاسف .

_نعم حضرة الطبيب قلها كن رحيما وافعلها عشر سنوات من انتظار الموت كفيلة بان يعلن احدهم انهزامي اخيرا والذي اعلنته منذ جرعة الكيمياوي الاولى ولكن سرطان الدم ابى انهاء النزال منذ الجولة الاولى .هل ساموت ؟ ما اقساك ايها الطبيب وانت تاسف لذلك لانتهاء المي وسكون اوجاعي ولو تحت التراب لقد استدعيت الموت سنينا طوال ولكنه ادار لي ظهره هازئا وترك السرطان يلهو كطائرة ورقية بيد طفل صغير لا يعرف كيف يطلقها وكلما استاء مزق قطعة من جوانبها فكيف تكون اسفاً لذلك ؟؟

_ليس السرطان يا مريم لقد استجاب جسدك لجرع الكيمياوي وهو الان خالٍ تماما من ذلك الخبيث كخلو النهار من النجوم ولكن !!!!


بدأتُ بعسر هضم الحقيقة كيف يغادرني ذلك المرض ولا يمتلأ الكون بالزغاريد ؟ كيف انتصرتُ عليه وهناك من يتبعُ انتصاري بلكن ؟؟؟ تجمدت الحروف في لساني قفز والداي الذين انسكبت في جسديهما قوة كانت قد خارت منذ عشر سنوات

_احقا مريم ليست مصابة بالسرطان بعد يا دكتور ؟ وهل هناك اسعد من تلك البشرى تزف لوالدين امتلأت اكفهما بالدعاء والدموع لسنين فلماذا تتبعها بلكن؟؟؟


اخذ الطبيب شهيقا طويلا تبعه بزفرة وحسرة 

_ ابنتكما مصابة بالتهاب في الحنجرة..

_ ثم ماذا ؟؟ بعد ان انتصرتُ بوجه دبابة لماذا تلوح لي وتخيفني بمسدس؟؟ اعطني مضادا حيويا للالتهاب وساكون بخير 

_ للاسف يا مريم لقد اخذتِ مضادات حيوية كثيرة .لفترات طويلة وهنالك تلك المخلوقات الصغيرة جداً وجداً والتي تكيف نفسها مع كل نوع حتى وصلنا لهذه النتيحة في التحاليل ان البكتريا في دمك اصبحت مقاومة لكل المضادات وهذا يعني ان الالتهاب البسيط قد يودي بكِ ستنتشر العدوى في جسدك كالنار في الهشيم وليس هنالك ما يمكننا فعله . 

_ اتخبرني الان حضرة الطبيب بانني انتصرت على السرطان لاموت بسبب تافهة كهذا ؟؟

_ليس تافهاً يا مريم يموت الناس في العالم بالسرطان بنفس القدر الذي تفتك به مقاومة المضادات غير ان الاول يقتلهم المرض والثاني يرديهم العلاج

عاد والداي لوضع الجلوس الباهت لا توجد كلمات تشجيعية هذه المرة لا تحملي الكيمياوي ولا تجرعي الامل اتى الموت بتلك البساطة دون مقدمات درامية انه بجملة واحدة رماها الطبيب وخرج 

_لم تعد كل المضادات الحيوية الموجودة نافعة ستموت مريم بالعدوى لقد اساؤوا استخدام ذلك العلاج فانتصروا للمرض والموت يال سخرية القدر 

لتنتهي حكاية انتصاري على السرطان بموتي بمضادٍ حيوي ......



الدكتورة شيماء ثائر



إقرأ أيضا
شارك
إشترك في بريد المدونة السريع لتبقى مطلعا على الأحداث أولا بأول.

المواضيع ذات صلة