الدكتورة أسماء الزهراوي
حاولت الابتعاد عن وسائل التواصل الاجتماعي لمدة يومين لعلي لا أرى ما سيؤلمني وتعمدت ألا أتحدث عن الأمر، ولكن ذلك زاد ما بداخلي من ثورة على الظلم، وحين قررت أن أتابع وأشاهد ما يحدث على أرض الواقع شعرت بشيء أشبه بالسعادة المختلطة بالألم، نعم السعادة!
في الحقيقة ذلك النضال المستمر وأولئك الأطفال الذين كبروا قبل أوانهم وجعلوا من أنفسهم جنودًا وحملوا أنفسهم مسؤولية أمان المسجد الأقصى كلها أشياء أسعدت قلبي وجعلتني أشعر بالفخر، ذلك الشباب الذي ترك كل شيء ومضى في طريقه يدافع عن أرضه وتلك النساء اللاتي كن كالجبال لا يزعزع ثقتهن بالله وبالنصر شيء، وأولئك الشيوخ الذين مضى بهم العمر وهم يناضلون وما زالوا، هو شيء اقشعر له بدني، شيء تحركت له مشاعري أنا والكثيرين حين رأيناهم يفدون الأقصى بأرواحهم غير مكترثين بالعداون الواقع عليهم.
كم رغبت وأنا طفلة برؤية أطفال الحجارة الذين طالما سمعت عنهم، كان الفضول يقتلني لأرى أولئك الذين ظننت في صغري أن قلوبهم خلقت مختلفة عن الجميع، لا تهاب الموت حتى حين يقترب منها، لا تنحني ولا تخضع، لا تيأس ولا تمل وإذ إنهم الآن كبار يقفون بالمرصاد للعدو الصهيوني ويبثون الرعب في قلب المحتل، وإذ إنهم فعلًا لا يتسلل الخوف إلى أفئدتهم كما قد سمعت عنهم في صغري، باقون على وعدهم وعهدهم لأرضهم.
كبرنا وكبرت القضية وانتشرت الحقائق أكثر مع وجود الميديا وصار العالم بأكمله شاهدًا على أحداث حي الشيخ جراح وعرف الذي لا يعرف أن تلك الأرض مغتصبة، محتلة، تنتفض كل يوم وتنتظر منا كشعوب عربية وقفة أخوة وضميرا لايغفل عن الظلم ولا ينساه وأنها ما كانت ولن تكون سوى للشعب الفلسطيني الحر الذي وصل صوته اليوم لكل العالم وبكل اللغات.
اليوم أريد منكم وتريد منكم فلسطين أن تربوا أبناءكم على حبها واحترام نضال شعبها، أريد منكم الاستمرار على ما كبرنا عليه من تمسك بها ودفاع عنها وأن تعلموهم أن هناك قضية كانت قضيتنا وقضية آبائنا وأجدادنا وغدًا ستكون قضيتهم، علموهم أن من باع قضيته خسر نفسه قبل كل شيء.
إقرأ أيضا