مَهرُها كانَ سفكُ الدِماء

تَرسُمُ عَقدَ الزواجِ بِطلاءٍ أحمرٍ قان

غاليةُ المَهرُ هيَ فَسعرهُ ارواح الرِجال

حينَ تَقرأ قِصتي هذه سَتُعيد النَظر بالزواج وستأخذ الحيطة حَتى إن لَم تتزوج  وسَتهرُب مِن جمال النِساء ولَطافتهن قَولُه تَعالى عَزوجل (إنَّ كَيدَكُنَ عَظيمٌ).

(بَطش المُهيرة)

ذات شَعرٍ أسود اللون وعَينان كَلونهِ صاحِبةُ بَشرةٍ قَمحية تَجلِسُ في غُرفتها تَقضُم أظافرها ذات الطلاء الأسود،وسَيلٌ مِن الأفكار يطوف في رأسِها وَقُطعت أفكارها بِطرقةِ باب إنتَفَضت بِرُعب وَهيَ تَنظُرُ ناحيةَ الباب

_مَن هُناك؟ قالَتها بإرتجاف 

_لا رَد مَع إستمرار الطَرقات الَتي باتَت مُخيفة عِند تَزايد قُوتِها،إرتدت شالها الحَريري ذا اللونِ الأزرق المائل للسَواد وَبَقت واقِفةً تستمع لِطَرقاتِ الباب الشَديدة تَنظُرُ أو تَتنظِر مَشيئة الرَب أما بِالرحيل أو...

رَكلةٌ واحِدة حَطَمت الباب المُتهالك،امامُها وَقف ثَلاثة رِجال مُرتدين زَيًّا باللونِ الأسود

_مَن أنتم؟ قالَتها بِوَجل وهي تَخطو إلى الوَراء

قَهقهَ أحدهم أملطُ الوَجه عَينان تغلُبُ الفَحم بلونهما تَخبأ شَعرهُ تَحت قُبعةً كَلون زَيّه 

_أهذا سؤال؟ ألا تَكفيكِ هذهِ الرُقعة العملاقة! قالَها وهوَ يُشير نَحو رُقعة دائرية الشَكل كُتِبَ عَليها(شُرطة العِراق) 

_تَرَفق بِها يا مُناور قالَها شاب مُمتلئ الوَجه ذا شاربٍ كَثيف بُنيُ العَينين والشَعر

_كَفاكُم نَهيق وَهيا لِنذهب! قالَها ثالِثهم حَليقُ الوَجه

اصهب ذا عينانٍ رَماديتان

هذا النِقاش كُله أمام الفتاة التي بدأت بالتراجُع 

_هَي هَي،أين تَظُنينَ نَفسكِ ذاهِبة؟ صَرخ بها مُناور مُمسكًا ساعِدُها 

_قَيدها قالَها الأصهب راميًا لهُ أصفادًا حَديدية 

_عَليكِ إنقاصُ الوَزن آنِسَتي قالَها مُناور وهو يُغلق الأصفاد على يَديها 

_ماذا تُريدون مِني بِحَقِ الجَحيم؟ أنا لَم أفعل شَيء

قالَتها بصُراخ 

_وَالله وَراء السَواهي دَواهي قالَها وهو يَجُّرها عابِرًا حُطام الباب

_رَشّاد،أبحَث اذا ما كانَ هُناكَ شيء عَلي إخبار الرَئيس قالَها الأصهب وهو يُلوح له بالهاتِف

_حَسنًا قالَها رَشّاد بِضَجر

في الرِواق:

_لا تَتحرَكي كَثيرًا لا أُريد إستخدام العُنف قالَها مُناور وهوَ يُمسك ساعِدها بإحكام 

خُطواتٌ مُتسارِعة وراء الإثنان حَتى مُسِكَ كَتفُ مُناور والَذي فَورَ ما أُمسِكَ كَتفُه إلتَفِتَ لاويًا اليَد التي أمسكت كَتفه

_آه آه مابِك يا مُناور؟ بِحقَك! قالَها رَشّاد وهو يَمسح على يَدِه بِلُطف

_مَن قالَ لَكَ أن تَلمِسني؟ قالَها الآخر وهوَ يَضحك 

_إن عَلِم الرَئيس بِماذا تَفعلون لَكُنتُم في المَشفى الآن 

قالَها الأصهب وهو يَقتَرِبُ مِنهم

_كَفاك يا سائِد بإشعاري

بالغثيان،لِماذا تَذكُر ذلِك العَجوز قالَها مُناور وهوَ يُمثِل إنهُ يَتقيء 

_هَيا لِنذهَب،يُمكنك المُزاح في وَقتٍ آخر قالَها سائِد وهوَ يَتقدمهم

خَرجوا مِن البِناية مُتوَقفين أمام سَيارةٍ مُظللة الشَبابيك 

_مِن بَعدِك قالَها مُناور فارِدًا يَداه وَإنطَلقت راكِضةً نَحو الشارِع الرئيسي سياراتٌ عَديدة تُطلق الأبواق وتتوقف تارةً وتُسرع تارةً أُخرى،عَبرت بِسلام وَالتفتت مُبتسمةً ناحية الأثنان 

أُمسِك ساعدها مِن جَديد

_أتظُنينَ انكِ ستفلتين بهذه السهولة؟ قالها سائِد وهو يَجّرها من جديد نحو السيارة

_رُبما قالتها وهي ترسم ابتسامة قليلة 

_مُناور! كم مرة قلت لك أن لا تُهرب السُجناء؟ قالها سائِد وهو ينظر نحوه

_أردتُ أن أُشعرها بطعمِ الحُرية لآخر مرة قالها مُناور وهو يُقطع كلماته لِضَحكِه

بَعد ساعة:

توقفت السيارة أمام مركز الشرطة

_هَيا،انزلوا قالها سائِد وهوَ يفتح الباب 

_ لا تَحزني رُبما تهربين مرة أُخرى قالها وهو ينزلها من السيارة

ساروا إلى الباب حيث كان ينتظرهم أمامه رجلٌ خالَط الشيب شعره الأسود ويبدو انه أعلى رُتبة منهم 

تَوقفوا ثلاثتهم وهم يُحيونه

_إذن،أهذه هي؟ قالها الرجل وهو ينظر ناحيتها

_ نعم سيدي بشحمها ولحمها قالها مُناور وهو يكتسب وجه الجدية

_أدخلوها غُرفة التحقيق واذهبوا فقد انتهى دوامكم لهذا اليوم قالها وهو يستدير نحو الباب ويدخل

أدخلوها إلى غرفة لا تحوي غير طاولة حديدية وكُرسيين 

_سَأشتاق إليك راسليني قالها مُناور مُصاحبًا كلامه بغمزة وأغلق الباب

بعد ساعة ونصف:

فُتح الباب مُصدرًا صريرًا مُزعج أيقظها من غفوتها 

_لماذا لم يُصلحوا هذا اللعين! صوت يعود لنفس الرجل الأشيب 

_إذن،مُهيرة قيس ذات العشرون عام قتلت ثلاثة رِجال جَميعهم يرتبطون بها بعقد زواج ،هاربة منذ شهران،لا تَعلمين كم بحثت عَنك قالها الرجل وهو يجلس مُقابلًا لها 

_ألا أستحق كُل هذا التعب همم؟ قالتها مُهيرة بغمزة مُكملةً حَديثها 

_لم تُعرفني عليك وهي تستعيد نشاطها بأبتسامةٍ مُريبة 

_سَعد رئيس هذا المركز ومُحققه قالها وهو يُبادلها الأبتسامة 

_تَشرفنا حَظرة الرئيس لكن،كما ترى يداي مُقيدتان لا أستطيع اخذ تحية قهقهت مُهيرة 

_إذن،مُهيرة ما الذي دفعكِ لقتل زوجكِ أو ازواجكِ قالها سَعد وهو يستعيد نبرة الجِدية

_لاشيء،فقط مللت من العيش مَعهم قالتها مُهيرة بأستهزاء 

_كَفاكِ صَرخ بها وهو يقِف تاركًا الكُرسي

اوه،حَسنًا حَسنًا سأخبرك قالتها مُهيرة وهي تُمثل الخوف

عادَ للجلوس مُنتظرًا ردها 

_قَد أخبرني ثلاثتهم أن الغداء ليس لذيذ وأنا كُنت تَعبة كما تَعرف فقتلتهم  واحدًا تلو الآخر،لابُد أنهم لا يملكون ذوق فأنا متأكدة من طعامي اللذيذ 

_تَبًا لكِ واخبريني الحَقيقة صَرخ بها وهو يضرب الطاولة مما سبب ارتجاج قليل سَرى عليها 

_لِما لا تطلب لنا شايًا فأنني أحسُ بالصداع ،وأخبرك ها؟  قالتها مُهيرة بهدوء وهي تنظر نَحوه

_حَسنًا قالها بإرتياب وهو يخرج مُغلقًا الباب ورائه ،وحينَ عاد لم تكُن هناك

_مُهيرة،اين انتِ بحقِ الجحيم قالها سعد وهو يَصرُ على أسنانه بغضب 

_سَعد؟ أتاه الصوت من الوراء ومع استدارته خَرَ مُغشيًا عليه بعد ضَربة كُرسي 

_ألم تتعلم أن تُفتش الشخص قبل التحقيق؟ قالتها مُهيرة وهي ترمي الأصفاد فوقه 

لنعد إلى الوراءِ قَليلًا:

جالسةً في غرفة دُق الباب أمسكت الشال الحريري وقبل أن ترتديه عَلقت مِشبكًا اسود اللون بسيط الشكل على شَعرها وأرتدت الشال 

الحاضِر

بَحثت في جيوبه عَلها تجد بعض الأموال،ابتسمت بعد أن

أمسكت ورقةً نَقدية بقيمة مئة دولار 

_سَيكفيني هذا شُكرًا سَعودي رُبما نَلتقي مرةً أخرى أو رُبما ابدًا مُلوحَةً للمُغمى عليه 

كانَت غُرفة التحقيق مَعزولة وقريبة من مخرج الطوارئ،وَببساطة خَرجت مُهيرة بهدوء من دون أن ترى احدًا أو يراها 

بَعد خَمسة سنوات:

مَقهى محلي ينبعث منه صوت التلفاز العالي

_جريمة أخرى لقتلِ رجل وهذه الجريمة  الثلاثون على التوالي،المَزيد في نشرةِ الأخبار  قالتها مُذيعة التلفاز  في جانبه تَقف أمرأة شعرٌ أشقر وعَينان زَرقاوان كَبُحيرةٍ صَغيرة تَجمع فيها سَمكٌ أسود تَرتدي مأزر كُتب عليه (مَقهى السعادة)تَلف شالًا حريري على رَقبتها كَربطة عُنق وَتَبتسم بهدوء

_مارسا!! أمراةٌ عَجوز تُنادي عليها 

_قادِمة قالتها مُغلقةً التلفاز 

النهاية

_

تَنبه وَخُذ الحَذر فَمُهيرة لا تَزال تَسفكُ الدِماء

وتأخذُ مَهرها في أي وقتٍ كان.

كِتابة:رواسي عبيد غشيم

إقرأ أيضا